بدأ احتساب الوقت حتى موعد إجراء الإنتخابات النيابية، المقرّرة الأحد 6 أيار المقبل، بعد الإعلان عن تشكيل اللوائح، التي تنتهي مهلة تسجيلها منتصف ليل اليوم (الإثنين)، ومَنْ لا ينضم في لائحة يصبح خارج السباق الإنتخابي.
ودائرة الجنوب الأولى، التي تضم (مدينة صيدا وقضاء جزين) لها وضع خاص منذ إقرار قانون الإنتخابات، الذي اعتمدها كأصغر الدوائر الـ15 لتتمثّل بـ(5 نوّاب): (سنيان في مدينة صيدا، مارونيان في قضاء جزين وكاثوليكي أيضاً في جزين)، وحدّد تشكيل اللوائح فيها بألا يقل عن 3 مرشّحين، علماً بأنّ القانون الإنتخابي نصَّ على أنّ تشكيل اللوائح لا يقل عن تمثيل 40% من عدد المقاعد في الدائرة، وأنْ يكون التمثيل الثلاثي لأعضاء اللائحة في مدينة صيدا وقضاء جزين، لكن لم يشترط توزيعاً طائفياً للمقاعد.
استمر في خوض الاستحقاق في هذه الدائرة (20 مرشّحاً): (9) في صيدا و(11) في جزين، من بين (27) كانوا قد تقدّموا بطلبات ترشيحهم: (10) في صيدا و(17) في جزين.
ويتوزّع (17 مرشّحاً) استمرّوا في خوض الاستحقاق الإنتخابي على (4 لوائح): إثنتان مكتملتان من (5 مرشّحين)، وإثنتان: واحدة من (4) وأخرى من (3).
معركة "حامية الوطيس"
ويتوقّع المراقبون أنْ تكون المعركة "حامية الوطيس" في ظل تقارب الأصوات بين عدد من القوى التي يمكنها تأمين حاصل إنتخابي بشكل مستقل أو عبر التحالفات، وأنْ ينسحب الأمر بين مرشّحي بعض اللوائح بشأن الصوت التفضيلي.
يبلغ عدد الناخبين في هذه الدائرة: (120898)، موزعين وفق الآتي:
- المسلمون: (72054): سُنّة (52343)، شيعة (19058) ودروز (616).
- المسيحيون: (48329): الموارنة (34766)، الكاثوليك (10105) والأرثوذكس (1740).
- صيدا: (61676): سُنّة (50900)، شيعة (6672)، كاثوليك (1578)، موارنة (1323) وأرثوذكس (303).
- جزين: (59222): موارنة (33443)، شيعة (12413)، كاثوليك (8527)، سُنّة (1443) ودروز (578).
وفي ضوء كثافة الاقتراع المرتقبة يتوقع أنْ يكون الحاصل الإنتخابي بين (13500-14500).
وبعد الإعلان عن التحالفات، بُدئ استخدام مختلف أنواع الأسلحة بالتصويب على البعض منها، واستهداف مرشّحين، بفتح السجلات القديمة لمواقف سابقة كان قد أعلنها خصوم الأمس (حلفاء اليوم)، وهو ما يُتوقّع أنْ ترتفع وتيرته، لتنعكس على التصويت للوائح المتنافسة.
- في هذه الدائرة هناك قوى رئيسية لديها مرشّحون بشكل مباشر، وأخرى تتمتّع بمعدل أصوات وازن، لكن لا مرشّحين مباشرين لديها، بل تدعم بعضهم.
وأبرز القوى في هذه الدائرة:
في مدينة صيدا: "تيار المستقبل" الذي تقوده النائب بهية الحريري، "التنظيم الشعبي الناصري" المتمثّل بأمينه العام الدكتور أسامة سعد، "الجماعة الإسلامية" المتمثّلة بمسؤولها السياسي في الجنوب الدكتور بسام حمود، "تيار البزري" الذي يقوده الدكتور عبد الرحمن البزري، رئيس "تجمّع 11 آذار" مرعي أبو مرعي، فضلاً عن مناصري إمام "مسجد بلال بن رباح" – عبرا – سابقاً الموقوف الشيخ أحمد الأسير الحسيني.
- وفي قضاء جزين: يبرز "التيار الوطني الحر" المتمثّل بالنوّاب: أمل أبو زيد، زياد أسود وعصام صوايا، و"القوّات اللبنانية" التي رشّحت لهذه الانتخابات المهندس عجاج جرجي حداد (للمقعد الكاثوليكي)، و"حزب الكتائب" الذي رشّح جوزاف إلياس نهرا (للمقعد الماروني)، فضلاً عن عدد من الفاعليات في مقدّمهم: الوزير والنائب السابق إدمون رزق، الذي رشّح نجله المحامي أمين، تيار النائب الراحل سمير عازار، الذي يقوده نجله المحامي إبراهيم، قائد الدرك السابق العميد المتقاعد صلاح جبران، رئيس "جمعية المعارض" إيلي رزق، وشخصيات عزفوا عن الترشّح.
وهناك قوّة للثنائي الشيعي حركة "أمل" و"حزب الله"، عبر كتلة ناخبة كبيرة تتوزّع بين صيدا وجزين، لكن لا تتمثّل بمقعد نيابي، وهي تدعم ترشيح تحالف سعد - عازار.
وتوزّعت حسابات القوى في هذه الدائرة بين مَنْ يسعى إلى الفوز بمقعد أو أكثر، أو إثبات الوجود، وإنْ تفاوتت الأحجام.
"وهم أرقام" وموازين التحالفات
ما بين إصدار قانون الإنتخابات، وفتح باب الترشيح وإقفاله، واقتراب انتهاء مهلة تسجيل اللوائح، طرأ الكثير من التطوّرات على صيغ التحالفات في هذه الدائرة، التي تغيّر بعضها بشكل كامل ومفاجئ، ومردُّ ذلك إلى جملة موازين وأسباب، وفق الآتي:
1- "وهم الأرقام" لدى بعض القوى والمرشّحين، بالمبالغة بالأصوات التي يمكن أنْ تنالها، علماً بأنّ اعتماد الصوت التفضيلي في هذه الإنتخابات سيحدّد الأحجام الحقيقية لكل من المرشّحين، ما صعّب التحالفات لدى الحديث بتشكيل اللوائح.
2- عدم الموافقة على بعض الطروحات أو العروض والمفاضلات، التي تحوّلت إلى شروط، وربما شروطٍ مضادّة.
3- وجود مرشّحين يشكّلون عبئاً على تشكيل اللوائح.
4- اعتماد بعض القوى على حسابات أنّ الفريق الآخر لا يمكن أنْ يشكّل لائحة دون الاضطرار إلى التحالف معه!
5- حرص بعض القوى على تغيير النمط الذي كان سائداً في تحالفات سابقة، بتوجيه رسائل متعدّدة الجوانب إلى مَنْ لم يجرؤ على التحالف مع بعض هذه القوى، واعتبر أنّها ليست ذات تأثير، أو تجنّب الائتلاف معها لحسابات متعدّدة!
وخشية التطوّرات، فإنّ القوى الرئيسية في هذه الدائرة كانت تضع تصوّرات للاحتمالات كافة على مسار ما يتعلّق بتشكيل اللوائح، فرشّحت وفق المقتضيات لتتشكّل بشكل مستقل أو عبر تحالفات، مع الأخذ بعين الاعتبار التطوّرات، حتى لا تقع تحت مقصلة الابتزاز أو الفشل في تشكيل لائحة، ما يؤدّي إلى خروجها من السباق الإنتخابي.
تبدّل التحالفات
منذ إقرار قانون الإنتخابات، كان الحديث يجري عن أنّ تحديد معالم هذه الدائرة، خضع لحسابات متعدّدة، وأنّ التحالف الرئيسي فيها سيكون بين "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر" و"القوّات اللبنانية"، لكن بعد الخلافات بين "القوّات اللبنانية" و"المستقبل" و"الوطني الحر"، تركّز الحديث عن التحالف وبين التيارين "الأزرق" و"البرتقالي"، وكانت كل المعطيات تشير إلى أنّ التحالف قائم، وينسحب على الدوائر الأخرى.
لكن أبرز ما عرقل إنجاز هذا التحالف، هو أنّ الإحصاءات أعطت "تيار المستقبل" بتحالفه مع "الوطني الحر" إمكانية تأمين حاصل انتخابي مع فائض، ما يسهم بفوز اللائحة بثلاثة مقاعد، فطالبت النائب الحريري بتسمية المرشّح الكاثوليكي، وهو ما رفضه "الوطني الحر" متمسّكاً بترشيح المسيحيين الثلاثة.
وعلّل مسؤولون في "الوطني الحر" أسباب ذلك، بأنّه لا يمكن السماح بتسمية المرشّحين المسيحيين، لأنّ ذلك يلقي حجة، عندما رفع "الوطني الحر" شعار استعادة المقاعد المسيحية الثلاثة، التي كانت تتمثّل بنواب أعضاء في "كتلة التنمية والتحرير" التي يترأسها الرئيس نبيه بري، ورفضوا في العام 2009 اقتراح أنْ يتم ترشيح النائب سمير عازار (عن أحد المقعدين المارونيين في جزين) من حصة الرئيس بري، مقابل أنْ يرشّح العماد عون مارونياً وكاثوليكياً في هذا القضاء بلائحة مشتركة، وعندما جرت الإنتخابات فاز "التيار البرتقالي" بالمقاعد الثلاثة، لكن ما رفضه العماد عون في انتخابات العام 2009 بأن رشّح عصام صوايا، ضد مرشّح الرئيس بري (للمقعد الكاثوليكي) النائب الدكتور أنطوان الخوري، نقضه الوزير باسيل في هذه الانتخابات، بأنْ رشّح نجل النائب الخوري الدكتور سليم (عن المقعد الكاثوليكي ذاته).
وبقي الخلاف على المقعد الكاثوليكي نقطة عالقة، إلى أنْ حصل الفراق بين التيارين "الأزرق" و"البرتقالي".
وشكّلت النائب الحريري لائحة مكتملة من (5 مرشّحين)، من غير التحالف مع أحزاب، ضمّت إليها: المحامي حسن شمس الدين (عن المقعدين السنيين في صيدا)، أمين إدمون رزق وآنجيل الخوند (عن المقعدين المارونيين في جزين) والدكتور روبير خوري (عن المقعد الكاثوليكي في جزين)، وأُطلِقَ عليها إسم "لائحة التكامل الأهلي"، وعقدت اجتماعاً لها مساء أمس (الأحد) في دارة مجدليون.
وفي غضون ذلك، كانت تُجرى حتى مساء الجمعة، اتصالات بين الدكتور البزري و"الجماعة الإسلامية" و"الوطني الحر"، تصاعد إثرها الدخان الأبيض، حيث أُعلِنَ ليلاً عن تشكيل اللائحة من دارة البزري في صيدا، وتضم: الدكتور عبد الرحمن البزري والدكتور بسام حمود (عن المقعدين السنيين في صيدا)، النائبين أمل أبو زيد وزياد أسود (عن المقعدين المارونيين في جزين) والدكتور سليم خوري (عن المقعد الكاثوليكي)، وحملت إسم "لائحة صيدا - جزين معاً".
أما الدكتور سعد، فقد كان أنجز مُبكِراً تحالفه مع عازار، وهو ما رسّخ منذ توجيه الدعوة إلى الهيئات الناخبة، لأنّ التركيز الأساسي للائحة هو إيصال سعد وعازار إلى الندوة البرلمانية، وجرى تشكيل لائحة من 4 مرشّحين، ضمّت: الدكتور أسامة معروف سعد المصري والدكتور عبد القادر نزيه البساط (عن المقعدين السنيين في صيدا)، إبراهيم سمير عازار (عن أحد المقعدين المارونيين في قضاء جزين) ويوسف حنا السكاف (عن المقعد الكاثوليكي في قضاء جزين)، تحت إسم "لائحة لكل الناس".
ويوم الجمعة، حسمت "القوّات اللبنانية" و"حزب الكتائب" ورئيس "تجمّع 11 آذار" مرعي أبو مرعي التحالف الذي أُعلِنَ عنه من دارة أبو مرعي في مجدليون، وضمّت اللائحة: عن "القوّات اللبنانية" عجاج جرجي حداد (للمقعد الكاثوليكي في جزين)، عن "الكتائب" جوزاف نهرا (عن أحد المقعدين المارونيين في جزين) وعن "تجمّع 11 آذار" عضو مجلس بلدية الهلالية سمير البزري (عن أحد المقعدين السنيين في صيدا).
وكان عدد من المرشّحين قد سحب طلبات ترشيحه قبل انتهاء مهلة العودة عن الترشيحات مساء الأربعاء (21 الجاري)، وهم: المهندس وليد مزهر، وجوزيف متري، وبعد إقفال باب العودة عن سحب الترشيحات سحبها كل من: العميد صلاح جبران، إيلي رزق، ريمون نمور، وعبدالله البعاصيري.
ولم تسفر الاتصالات عن تشكيل لائحة خامسة بين رئيس "المنظّمة الدولية للعدالة" الدكتور علي الشيخ عمار وماهر الرشيدي (عن المقعدين السنيين في صيدا) اللذين بادرا بالإتصال بالمرشّح (عن المقعد الكاثوليكي في جزين) جاد صوايا، فأبلغهما عزوفه عن الترشّح!